خطبة : الدولة المدنية والتطرف الثيوقراطي والعلماني
الامير عبد المحمود ابو
أحمدك اللهم واثني لك الحمد يا جليل الذات ويا عظيم الكرم ، وأشكرك شكر عبد معترف بتقصيره في طاعتك يا ذا الإحسان والنعم ـ والصلاة والسلام على نبيك الذي دلنا إليك وتلقى الوحي منك فبلغه إلينا وعلى آله وأصحابه أجمعين .أما بعد /قال تعالى : قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين صدق الله العظيم .أحبابي في الله واخواني في الوطن العزيز :من مقاصد الشريعة الضرورية : حماية العقل من التغييب والتعطيل . لأن من شروط التكليف في الإسلام سلامة العقل . وذهاب العقل قد يكون بتعاطي الخمور والمخدرات ، وقد يكون بسبب التضليل وسيادة الخرافة والدجل والشعوذة ، وقد يكون بالاعتقاد الفاسد والمنحرف . وعالِم الاجتماع الكواكبي قال : " إن الاستبداد يحول ميل الأمة الطبيعي من طلب الترقي إلى طلب التسفل بحيث لو دفعت إلى الرفعة لأبت وتألمت كما يتألم الأجهر من النور " .تداول الناس في الآونة الأخيرة مصطلحات تحتاج إلى ضبط حتى لانتوه في خضم استغلال العاطفة الدينية لدعم مواقف أيديولوجية قاصرة .تلك المصطلحات هي : الدولة الدينية ـ والدولة العلمانية ـ والدولة المدنية . فما هي حقيقة كل مصطلح ومرجعيا ته ومآلا ته ؟. وما هو المفهوم الأقرب لظروفنا استناداً لمعتقداتنا واستجابة لمطالب عصرنا ؟أولاً / الدولة الدينية : مفهوم السلطة الدينية ؛ ارتبط بالمسيحية .. فعندما تحالفت الكنيسة مع الدولة الرومانية أعطت أوامر الإمبراطور وتصرفاته قدسية دينية لا يجوز الاعتراض عليها أو مخالفتها ومع مرور الزمن تبلور مفهوم الدولة الدينية في ظل المسيحية وتجلت طبيعة تلك الدولة في المظاهر الآتية :ـالمظهر الأول : إن الحاكم يتولى السلطة بأمر من الله وليس باختيار الشعب ويستمر فيها بإرادة الله ولا يجوز الاعتراض على أحكامه وسياساته وتصرفاته فهو يستمد شرعيته من الله ويحكم بالحق الإلهي وهو نفس المعنى الذي ذكره فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد .المظهر الثاني : سلطة رجال الدين ـ صحب قيام الدولة الدينية وجود رجال الدين وهم يمثلون المعرفة المطلقة والواسطة بين الله والناس وأحكامهم مقدسة. بل يوزعون صكوك الغفران !. ووقف رجال الدين ضد العلم واستبعدوا وسائل المعرفة العقلية والتجريبية وحاربوا العلماء الذين جاءوا بمعارف تناقض قناعا تهم . واتخذوا الدين وسيلة لأكل أموال الناس بالباطل .. قال تعالى : إن كثيراً من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله ... .المظهر الثالث : الاعتراف بدين واحد واستبعاد المعتقدات الأخرى بل في الدين الواحد لا يعترف إلا بمذهب واحد ومحاربة أي اجتهاد مخالف .المظهر الرابع : تبني رجال الدين لمفاهيم تطرد الإنسان طرداً من الاعتقاد ـ مثل : عقيدة التثليث والقول بطبيعة إلهية إنسانية السيد المسيح ؛ وتبرير ظلم الحكام بمفاهيم دينية ؛ وإسقاط دور العقل ؛ واستبشاع الجنس ؛ واعطاء قدسية للسلطة الزمنية .تلك هي خلفيات الدولة الدينية وتلك هي طبيعتها ومظاهرها .. وواضح أنها تتناقض مع المفاهيم الإسلامية حول الدولة شكلاً وموضوعاً .. فالسلطة في الإسلام ليست دينية وإنما هي من اختيار البشر ، والحاكم شرعيته مستمدة من إرادة الجماهير وأحكامه ومواقفه غير مقدسة بل قابلة للنقض إذا خالفت الشرع .. قال : (( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق )) .فالدولة الدينية ظاهرة مسيحية لا وجود لها في مفاهيم الإسلام القطعية حول الدولة . لقد حاول حكام بني أمية وبعض العباسيين إعطاء سلطتهم صبغة دينية وتسموا بألقاب : الحاكم بأمر الله ، والناصر لدين الله .. ولكنها استعمالات لا سند لها ولا مرجعية لها في أحكام الإسلام . قال : (( من بايع إماما من غير مشورة المسلمين فلا بيعة له ولا للذي بايعه )) .ثانياً / العلمانية : ظهرت العلمانية كرد فعل لمواقف رجال الدين السالبة من العلم وحرية الضمير ومن العقل والإنسان . فقد توالت ردود الأفعال ببروز مفاهيم العقلانية والناسوتية والمادية . ونظرية فرويد حول الجنس وغيرها من المفاهيم المتطرفة ثم تبلورت كل هذه المواقف في ظاهرة العلمانية ـ وهى بفتح العين نسبة إلى العالم لاالى العلم . كثير من الناس ينطقون ( العِلمانية ) بكسر العين نسبة للعلم وهو لفظ خاطئ فهي منسوبة على غير قياس إلى العالَم الزماني والمكاني وهي أقرب إلى الدهرية التي أشار إليها القرآن في سورة الجاثية وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر .. . وقد عرفها : هارفي كوكس بالآتي : " إنها إدارة قفا الإنسان من عوالم غيبية ولفت نظره إلى هذا العالم وهذا الزمان ، إنها طرد الغيبيات من الطبيعة وطرد القداسة من السياسة وتحرير القيم من الجمود . وهي حركة تاريخية مستمرة بموجبها يرتقي الإنسان من الطفولة الفكرية إلى النضج ويتحرر من الوصاية ليصبح مسئولاً عن مصيره " . أما قاموس اكسفورد فجاء تعريفه كالآتي : " علماني : معني بأمور هذا العالم دنيوي ليس مقدساً ، ليس كنسياً دهري متشكك في حقائق الدين رافض للتعليم الديني " . مما سبق يتضح أن للعلمانية جانبان : جانب فلسفي ـ هو إنكار كل ما غاب عن عالم الشهادة الزماني والمكاني . وجانب موضوعي ـ هو عدم إعطاء قدسية للنظام الاجتماعي والسياسي فاختزال العلمانية في مصطلح فصل الدين عن السياسة اختزال مخل ـ الجانب الفلسفي من العلمانية لم يجد قبولاً حتى في أوروبا لأنه يصادم حقائق أتثبتها العلم فالوجود ليس مقتصراً على عالم الشهادة فهنالك عالم الغيب يدركه كل المؤمنين . والإنسان أثبتت التجارب أنه ليس كتلة مادية صماء وإنما هو كائن ذو وعي وإرادة وتتحكم فيه عوامل نفسية وروحية ووجدانية :كأن عدة أرواح تقوم به فليس يهدأ ولا تهدأ رغائبه أما الجانب الموضوعي فلا ينكره إلا مكابر ولكن لا يجوز إسقاط مفاهيم رجال الدين في القرون الوسطى على كل الأديان ـ فالإسلام لا يعترف برجال الدين أصلاً بل نص بوضوح إن أكرمكم عند الله أتقاكم .. والإسلام يحترم العقل بل جعله شرطاً في التكليف .. قال : (( رفع القلم عن ثلاث : عن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى يستيقظ )) والإسلام أقر وسائل المعرفة كلها : الروحية والعقلية والتجريبية . ولا يعرف الإسلام السلطة الدينية لغير الرسل فيما يبلغونه عن الله ولم يحدد الإسلام شكلاً معيناً للحكم بل وضع مبادئ سياسية تتمثل في الشورى والعدل والمساواة والوفاء بالعهد وترك للمسلمين أن يختاروا الشكل الذي يلائم ظروف زمانهم وأحوالهم . فالرسول لم يخلف أحداً وأبو بكر خلف عمر وعمر ترك الأمر شورى بين أهل الحل والعقد وبعد مقتل عثمان اجتمع أهل المدينة واختاروا علياً .. فالأمر اجتهادي متروك للمسلمين ليحددوا الكيفية التي يختارون بها حكامهم وفق الظروف التي تلائم تطور مجتمعاتهم ومشروع لهم أن يقتبسوا من تجارب الآخرين .. قال : (( الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها أخذها )) .أحبابي في الله واخواني في الوطن العزيز :إن الأسباب والمبررات التي أدت إلى بروز ظاهرة العلمانية في أوروبا إبان سلطة رجال الدين غير موجودة في الإسلام ولكن تصرفات بعض المسلمين المنبهرين بالسلطة الدينية ـ وهم في الغالب أصحاب نزعة تسلطية ـ إن تصرفات هؤلاء تؤدي إلى المطالبة بالعلمانية . وانبهار العلمانيين بظاهرة العلمانية في أوروبا ودعوتهم إلى تطبيقها في بلداننا يغذي ظاهرة التطرف الديني فكل تطرف يغذي نقيضه .اثنان أهل الأرض ذو عقل بلا دينوصاحب ملة لاعقل لهإن مصطلحي الثيوقراطية والعلمانية ولدا في ظروف تختلف عن ظروفنا وفي ظل مفاهيم دينية تتصادم مع العلم والعقل وديننا يقول : قل هاتوا برهانكم عن كنتم صادقين وهما مصطلحان يحملان ظلالاً فلسفية تجاوزتهما عقلية الإنسان المعاصر وأسباب ظهورهما في الغرب غير موجودة في قطعيات الإسلام ولا مبرر لهما في مجتمعات المسلمين ويغذيان الحرب الباردة بين العلمانيين والإسلاميين وبين دعاة الحداثة ودعاة التأصيل إنها حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل . ثالثاً / الدولة المدنية : إن طبيعة الدولة المدنية تتلخص في وجود دستور يعبر عن قيم ومعتقدات واعراف المواطنين باختلاف انتماءاتهم الدينية والثقافية والعرقية والفصل بين السلطات واكتساب الحقوق على أساس المواطنة وعدم التمييز بين المواطنين بسبب الدين أو الثقافة أو العرق . وكفالة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية واحترام التعددية ، والتداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات الحرة على الأسس الديمقراطية وأن تستمد السلطة شرعيتها من اختيار الجماهير وتخضع للمحاسبة من قبل نواب الشعب ..الخ .هذه المفاهيم أقرب إلى المبادئ الإسلامية السياسية ولا تتناقض مع الفكر الإسلامي المستنير حول مفهوم الدولة في الإسلام .. ونوضح ذلك عبر النقاط الآتية :ـالنقطة الأولى : نصت صحيفة المدينة وهي أول دستور مكتوب في التاريخ الإنساني ـ على حقوق المواطنين المقيمين في يثرب وعلاقتهم بالسلطة القائمة وعلاقتهم مع بعضهم البعض وكان مجتمع المدينة يتكون من ثلاث فئات هم : المسلمون بحزبيهم ( المهاجرين والأنصار ) ، واليهود بطوائفهم الثلاث ، والمشركون من الأعراب بقبائلهم ـ فالصحيفة كانت دستوراً لدولة متعددة الأديان .النقطة الثانية : قال الخليفة أبو بكر الصديق : " إني وليت عليكم ولست بخيركم فإن رأيتموني على حق فأعينوني ، وإن رأيتموني على باطل فقوموني . أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم .. " .النقطة الثالثة : الحاكم يختاره الشعب عبر الشورى الفريضة السياسية في الإسلام ويخضع للمحاسبة ، فإن خالف عزل .. قال : (( أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر )) وقال رجل لعمر بن الخطاب " والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناك بسيوفنا " فقال عمر " الحمد لله الذي جعل في أمة محمد من يقوم عمر بسيفه " وقال " لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها " .النقطة الرابعة : وظيفة الحاكم ـ أن يوفر لشعبه الأمن والقوت والخدمات قال عمر بن الخطاب " ولينا على الناس لنسد لهم جوعتهم ونوفر لهم حرفتهم فإن عجزنا عن ذلك اعتزلناهم " .النقطة الخامسة : علاقة هذه الدولة بالدول الأخرى ـ قائمة على الاحترام المتبادل والالتزام بالعهود والمواثيق .. قال تعالى : وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا وقال تعالى : ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين .النقطة السادسة : توفير العدل والمساواة لكل المواطنين ولا يجوز الانحياز لأحدهم بسبب دينه ـ سرق أحد المسلمين في عهد رسول الله درعا وأراد قومه أن يلحقوا الجريمة بأحد اليهود بحجة أنه لا حرمة له فأنزل الله قرآناً ينصف اليهودي ويدين المسلم ، ويحذر المسلمين من عاقبة الظلم .. قال تعالى : إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً .. إلى قوله تعالى وكان فضل الله عليك عظيماً سورة النساء .النقطة السابعة : كفالة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية .. قال تعالى : ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا وقال تعالى : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل .. .إن الدولة المدنية تحقق مقاصد الشرع وتستصحب إيجابيات العلمانية وتلبي تطلعات المجتمع المتعدد الأديان والثقافات والإثنيات علينا أن نسقط من قاموسنا السياسي المصطلحات الفلسفية التي تستفز بعض الناس فالتمسك بالألفاظ ديدن عبدة النصوص والشكليات ولا نستنكف من اتباع الحق مهما كان الوعاء الذي خرج منه .. قال تعالى : ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى .. . فتعاليم الإسلام جاءت لتحقيق مصلحة الإنسان ورفعة شأنه فالإنسان هو المستخلف في الأرض لعمارتها بالتزام منهج الله فلا يجوز أن تأتي الاحكام مناقضة لفطرته أو مسقطة لإنسانيته أو مقدسة لفئة من بني جلدته من أجل أن تسترق الفئات الأخرى . والتفاضل بين الناس لا يكون في الدنيا وإنما يكون في الآخرة على حسب الأعمال والإخلاص فعندما قتل حمزة بن عبد المطلب في غزوة أحد ومثل به .. قال وهو يقف على أشلائه : (( والله لئن ظفرت بهم لأمثلن بثلاثين )) فأنزل الله عليه قرآناً يوضح له فيه أن حمزة ـ وإن كان سيد الشهداء وأسد الله وأسد رسوله ومن السابقين في الإسلام فلا أفضلية له في الدنيا على الآخرين وان الأجساد متساوية والحقوق متساوية بين الناس وان اختلفت أديانهم فإن أراد أن يمثل فليمثل بواحد فقط على أساس فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم .. قال تعالى لرسوله : وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين .إن أزمة الإسلام تكمن في بعض المنتمين إليه يحورون أحكامه لتلائم نزعاتهم النفسية التسلطية وليرضوا رغباتهم! والصحيح هو أن يخضعوا أهواءهم ويكيفوها لتتلاءم مع منهج الله قال : (( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به )) ولكن الواقع الآن انهم يقسرون أحكام الدين قسرا لتوافق أهواءهم ـ والأمر الثاني هو أنهم ما فقهوا أساليب الدعوة التي تأمر باللين والتدرج والحكمة .. قال تعالى لرسوله : فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك .. فبعض الناس لم يتوفر لهم جمال رسول الله ولا الحب الذي يجده من أصحابه ومع ذلك ينفرون ويغلظون وقديماً قالت العرب : " إياك ومصاحبة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك " . عن أبي ثعلبة الخشني جر ثوم بن ناشز رضي الله عنه عن رسول الله قال : (( إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدوداً فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها )) رواه الدار قطني . أو كما قال ..
يغفر الله لي ولكم ،،
الخطبة الثانية
الحمد لله الوالي الكريم والصلاة على سيدنا محمد وآله مع التسليم .وبعد /قال تعالى : ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شئ وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما .أحبابي في الله واخواني في الوطن العزيز :إن الاعتقاد والإيمان والتدين مفاهيم لا يستغني عنها الإنسان لأنها جزء من فطرته فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون . فالدين ضرورة نفسية واجتماعية وكونية للإنسان ، ولكن الناس يرفضون أن تستغل فئة الدين لتظلم به الآخرين أو لتحقق به مكاسب خاصة على حساب الآخرين فالناس يرفضون الظلم والاحتكار والإدعاء بأن هنالك من هم أحق بفهم الدين من غيرهم فإذا تحقق العدل وتوفرت المساواة وتعامل الناس فيما بينهم بدون تقديس لمواقف وقرارات وتركوا للجميع حق الفهم والاختيار وحرية الضمير وان الناس كلهم أصحاب الحق لا فئة بعينها فإن الاستقرار سيحل والسلام سيعود وإلا فلا .أحبابي في الله واخواني في الوطن العزيز :جاء في الأنباء أن المبعوث البريطاني بشر بقرب تحقيق السلام ودعا الأطراف المتنازعة للاستعداد لاتخاذ قرارات صعبة .. ويعني هذا أن على الجميع أن يبدوا مرونة وأن يكونوا مستعدين للتنازل ـ أما كان الأجدى أن يأتي هذا الموقف بقناعة ذاتية ورغبة وطنية في حل المشاكل دون ضغوط .. على كل حال من لم يهئ نفسه للتعامل مع المتغيرات الدولية سوف يتحمل نتائج وخيمة " والعاقل من اتعظ بغيره " .أحبابي في الله واخواني في الوطن العزيز :ذكر أن رئاسة الجمهورية قد تولت موضوع القرية التي دمرت منازلها وتضرر بضعة عشر ألف من المواطنين جراء ذلك وان رئاسة الجمهورية وعدت أن تنصف المظلومين وتعيد الحق لأصحابه وتعوض من تضرر منهم .. إذا صدقت هذه الرواية تكون الحكومة قد صححت خطأ قاتلاً وإن موقفها هذا يجد منا الإشادة والمساندة لأن الأسر التي وجدت نفسها بين عشية وضحاها في العراء تحتاج إلى إنصاف والعدل هو أساس الحكم والاستقرار لا يتم إلا بمسح دموع المستضعفين . وقال الخليفة العادل بن الخطاب " ولا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس ثم راجعت فيه نفسك وهديت لرشدك أن ترجع إلى الحق فإن الحق قديم والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل " ..وجاء في الأنباء أيضا أن قوة من الأمن داهمت منزل الأستاذ غازي سليمان واوقفت عددا من قادة الأحزاب السياسية كانوا مجتمعين هناك لمناقشة إعلان القاهرة ودعمه ومساندته ونقل السياسيون إلى مكاتب الأمن وبعد استجوابهم أطلق سراحهم الغريب في الأمر أن الحكومة تقول إنها لم تتدخل في موضوع إعلان القاهرة وان المواطنين تحركوا بصورة تلقائية للتعبير عن آرائهم ولكنها تمنع أصحاب الرأي الآخر من التعبير عن رأيهم وهم لم يخرجوا في مظاهرة ولم يسيئوا لمخالفيهم أي عدل هذا وأي حياد مالكم كيف تحكمون؟! اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه والباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه .. اللهم عجل بشفاء عبدك الأمير الحاج / عبد الرحمن نقد الله .. والطف بعبدك عبد الله محمد خير وخفف عنه آلامه وامنن عليه بشفاء من عندك آمين .وكذلك نسألك اللهم أن تعجل بشفاء البروفيسور محمد إبراهيم أبو سليم .أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيزفقدت البلادبالامس علما من أعلامها هو البروفيسور عبد الله الطيب لقد كان عبد الله الطيب موسوعيا في معارفه وتربع بجدارة على عمادة الأدب العربي لقد غالب المرض فترة طويلة إلى أن انقضى عمره في هذه الحياة الفانية نسأل الله له الرحمة والمغفرة ولآله الصبر وحسن العزاء كما تنعى هيئة شئون الا نصار فقيدي آل طلب ابن عم الطيب طلب وبنت خالته للجميع الرحمة والمغفرةعباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون .قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله ،،
أحمدك اللهم واثني لك الحمد يا جليل الذات ويا عظيم الكرم ، وأشكرك شكر عبد معترف بتقصيره في طاعتك يا ذا الإحسان والنعم ـ والصلاة والسلام على نبيك الذي دلنا إليك وتلقى الوحي منك فبلغه إلينا وعلى آله وأصحابه أجمعين .أما بعد /قال تعالى : قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين صدق الله العظيم .أحبابي في الله واخواني في الوطن العزيز :من مقاصد الشريعة الضرورية : حماية العقل من التغييب والتعطيل . لأن من شروط التكليف في الإسلام سلامة العقل . وذهاب العقل قد يكون بتعاطي الخمور والمخدرات ، وقد يكون بسبب التضليل وسيادة الخرافة والدجل والشعوذة ، وقد يكون بالاعتقاد الفاسد والمنحرف . وعالِم الاجتماع الكواكبي قال : " إن الاستبداد يحول ميل الأمة الطبيعي من طلب الترقي إلى طلب التسفل بحيث لو دفعت إلى الرفعة لأبت وتألمت كما يتألم الأجهر من النور " .تداول الناس في الآونة الأخيرة مصطلحات تحتاج إلى ضبط حتى لانتوه في خضم استغلال العاطفة الدينية لدعم مواقف أيديولوجية قاصرة .تلك المصطلحات هي : الدولة الدينية ـ والدولة العلمانية ـ والدولة المدنية . فما هي حقيقة كل مصطلح ومرجعيا ته ومآلا ته ؟. وما هو المفهوم الأقرب لظروفنا استناداً لمعتقداتنا واستجابة لمطالب عصرنا ؟أولاً / الدولة الدينية : مفهوم السلطة الدينية ؛ ارتبط بالمسيحية .. فعندما تحالفت الكنيسة مع الدولة الرومانية أعطت أوامر الإمبراطور وتصرفاته قدسية دينية لا يجوز الاعتراض عليها أو مخالفتها ومع مرور الزمن تبلور مفهوم الدولة الدينية في ظل المسيحية وتجلت طبيعة تلك الدولة في المظاهر الآتية :ـالمظهر الأول : إن الحاكم يتولى السلطة بأمر من الله وليس باختيار الشعب ويستمر فيها بإرادة الله ولا يجوز الاعتراض على أحكامه وسياساته وتصرفاته فهو يستمد شرعيته من الله ويحكم بالحق الإلهي وهو نفس المعنى الذي ذكره فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد .المظهر الثاني : سلطة رجال الدين ـ صحب قيام الدولة الدينية وجود رجال الدين وهم يمثلون المعرفة المطلقة والواسطة بين الله والناس وأحكامهم مقدسة. بل يوزعون صكوك الغفران !. ووقف رجال الدين ضد العلم واستبعدوا وسائل المعرفة العقلية والتجريبية وحاربوا العلماء الذين جاءوا بمعارف تناقض قناعا تهم . واتخذوا الدين وسيلة لأكل أموال الناس بالباطل .. قال تعالى : إن كثيراً من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله ... .المظهر الثالث : الاعتراف بدين واحد واستبعاد المعتقدات الأخرى بل في الدين الواحد لا يعترف إلا بمذهب واحد ومحاربة أي اجتهاد مخالف .المظهر الرابع : تبني رجال الدين لمفاهيم تطرد الإنسان طرداً من الاعتقاد ـ مثل : عقيدة التثليث والقول بطبيعة إلهية إنسانية السيد المسيح ؛ وتبرير ظلم الحكام بمفاهيم دينية ؛ وإسقاط دور العقل ؛ واستبشاع الجنس ؛ واعطاء قدسية للسلطة الزمنية .تلك هي خلفيات الدولة الدينية وتلك هي طبيعتها ومظاهرها .. وواضح أنها تتناقض مع المفاهيم الإسلامية حول الدولة شكلاً وموضوعاً .. فالسلطة في الإسلام ليست دينية وإنما هي من اختيار البشر ، والحاكم شرعيته مستمدة من إرادة الجماهير وأحكامه ومواقفه غير مقدسة بل قابلة للنقض إذا خالفت الشرع .. قال : (( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق )) .فالدولة الدينية ظاهرة مسيحية لا وجود لها في مفاهيم الإسلام القطعية حول الدولة . لقد حاول حكام بني أمية وبعض العباسيين إعطاء سلطتهم صبغة دينية وتسموا بألقاب : الحاكم بأمر الله ، والناصر لدين الله .. ولكنها استعمالات لا سند لها ولا مرجعية لها في أحكام الإسلام . قال : (( من بايع إماما من غير مشورة المسلمين فلا بيعة له ولا للذي بايعه )) .ثانياً / العلمانية : ظهرت العلمانية كرد فعل لمواقف رجال الدين السالبة من العلم وحرية الضمير ومن العقل والإنسان . فقد توالت ردود الأفعال ببروز مفاهيم العقلانية والناسوتية والمادية . ونظرية فرويد حول الجنس وغيرها من المفاهيم المتطرفة ثم تبلورت كل هذه المواقف في ظاهرة العلمانية ـ وهى بفتح العين نسبة إلى العالم لاالى العلم . كثير من الناس ينطقون ( العِلمانية ) بكسر العين نسبة للعلم وهو لفظ خاطئ فهي منسوبة على غير قياس إلى العالَم الزماني والمكاني وهي أقرب إلى الدهرية التي أشار إليها القرآن في سورة الجاثية وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر .. . وقد عرفها : هارفي كوكس بالآتي : " إنها إدارة قفا الإنسان من عوالم غيبية ولفت نظره إلى هذا العالم وهذا الزمان ، إنها طرد الغيبيات من الطبيعة وطرد القداسة من السياسة وتحرير القيم من الجمود . وهي حركة تاريخية مستمرة بموجبها يرتقي الإنسان من الطفولة الفكرية إلى النضج ويتحرر من الوصاية ليصبح مسئولاً عن مصيره " . أما قاموس اكسفورد فجاء تعريفه كالآتي : " علماني : معني بأمور هذا العالم دنيوي ليس مقدساً ، ليس كنسياً دهري متشكك في حقائق الدين رافض للتعليم الديني " . مما سبق يتضح أن للعلمانية جانبان : جانب فلسفي ـ هو إنكار كل ما غاب عن عالم الشهادة الزماني والمكاني . وجانب موضوعي ـ هو عدم إعطاء قدسية للنظام الاجتماعي والسياسي فاختزال العلمانية في مصطلح فصل الدين عن السياسة اختزال مخل ـ الجانب الفلسفي من العلمانية لم يجد قبولاً حتى في أوروبا لأنه يصادم حقائق أتثبتها العلم فالوجود ليس مقتصراً على عالم الشهادة فهنالك عالم الغيب يدركه كل المؤمنين . والإنسان أثبتت التجارب أنه ليس كتلة مادية صماء وإنما هو كائن ذو وعي وإرادة وتتحكم فيه عوامل نفسية وروحية ووجدانية :كأن عدة أرواح تقوم به فليس يهدأ ولا تهدأ رغائبه أما الجانب الموضوعي فلا ينكره إلا مكابر ولكن لا يجوز إسقاط مفاهيم رجال الدين في القرون الوسطى على كل الأديان ـ فالإسلام لا يعترف برجال الدين أصلاً بل نص بوضوح إن أكرمكم عند الله أتقاكم .. والإسلام يحترم العقل بل جعله شرطاً في التكليف .. قال : (( رفع القلم عن ثلاث : عن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى يستيقظ )) والإسلام أقر وسائل المعرفة كلها : الروحية والعقلية والتجريبية . ولا يعرف الإسلام السلطة الدينية لغير الرسل فيما يبلغونه عن الله ولم يحدد الإسلام شكلاً معيناً للحكم بل وضع مبادئ سياسية تتمثل في الشورى والعدل والمساواة والوفاء بالعهد وترك للمسلمين أن يختاروا الشكل الذي يلائم ظروف زمانهم وأحوالهم . فالرسول لم يخلف أحداً وأبو بكر خلف عمر وعمر ترك الأمر شورى بين أهل الحل والعقد وبعد مقتل عثمان اجتمع أهل المدينة واختاروا علياً .. فالأمر اجتهادي متروك للمسلمين ليحددوا الكيفية التي يختارون بها حكامهم وفق الظروف التي تلائم تطور مجتمعاتهم ومشروع لهم أن يقتبسوا من تجارب الآخرين .. قال : (( الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها أخذها )) .أحبابي في الله واخواني في الوطن العزيز :إن الأسباب والمبررات التي أدت إلى بروز ظاهرة العلمانية في أوروبا إبان سلطة رجال الدين غير موجودة في الإسلام ولكن تصرفات بعض المسلمين المنبهرين بالسلطة الدينية ـ وهم في الغالب أصحاب نزعة تسلطية ـ إن تصرفات هؤلاء تؤدي إلى المطالبة بالعلمانية . وانبهار العلمانيين بظاهرة العلمانية في أوروبا ودعوتهم إلى تطبيقها في بلداننا يغذي ظاهرة التطرف الديني فكل تطرف يغذي نقيضه .اثنان أهل الأرض ذو عقل بلا دينوصاحب ملة لاعقل لهإن مصطلحي الثيوقراطية والعلمانية ولدا في ظروف تختلف عن ظروفنا وفي ظل مفاهيم دينية تتصادم مع العلم والعقل وديننا يقول : قل هاتوا برهانكم عن كنتم صادقين وهما مصطلحان يحملان ظلالاً فلسفية تجاوزتهما عقلية الإنسان المعاصر وأسباب ظهورهما في الغرب غير موجودة في قطعيات الإسلام ولا مبرر لهما في مجتمعات المسلمين ويغذيان الحرب الباردة بين العلمانيين والإسلاميين وبين دعاة الحداثة ودعاة التأصيل إنها حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل . ثالثاً / الدولة المدنية : إن طبيعة الدولة المدنية تتلخص في وجود دستور يعبر عن قيم ومعتقدات واعراف المواطنين باختلاف انتماءاتهم الدينية والثقافية والعرقية والفصل بين السلطات واكتساب الحقوق على أساس المواطنة وعدم التمييز بين المواطنين بسبب الدين أو الثقافة أو العرق . وكفالة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية واحترام التعددية ، والتداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات الحرة على الأسس الديمقراطية وأن تستمد السلطة شرعيتها من اختيار الجماهير وتخضع للمحاسبة من قبل نواب الشعب ..الخ .هذه المفاهيم أقرب إلى المبادئ الإسلامية السياسية ولا تتناقض مع الفكر الإسلامي المستنير حول مفهوم الدولة في الإسلام .. ونوضح ذلك عبر النقاط الآتية :ـالنقطة الأولى : نصت صحيفة المدينة وهي أول دستور مكتوب في التاريخ الإنساني ـ على حقوق المواطنين المقيمين في يثرب وعلاقتهم بالسلطة القائمة وعلاقتهم مع بعضهم البعض وكان مجتمع المدينة يتكون من ثلاث فئات هم : المسلمون بحزبيهم ( المهاجرين والأنصار ) ، واليهود بطوائفهم الثلاث ، والمشركون من الأعراب بقبائلهم ـ فالصحيفة كانت دستوراً لدولة متعددة الأديان .النقطة الثانية : قال الخليفة أبو بكر الصديق : " إني وليت عليكم ولست بخيركم فإن رأيتموني على حق فأعينوني ، وإن رأيتموني على باطل فقوموني . أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم .. " .النقطة الثالثة : الحاكم يختاره الشعب عبر الشورى الفريضة السياسية في الإسلام ويخضع للمحاسبة ، فإن خالف عزل .. قال : (( أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر )) وقال رجل لعمر بن الخطاب " والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناك بسيوفنا " فقال عمر " الحمد لله الذي جعل في أمة محمد من يقوم عمر بسيفه " وقال " لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها " .النقطة الرابعة : وظيفة الحاكم ـ أن يوفر لشعبه الأمن والقوت والخدمات قال عمر بن الخطاب " ولينا على الناس لنسد لهم جوعتهم ونوفر لهم حرفتهم فإن عجزنا عن ذلك اعتزلناهم " .النقطة الخامسة : علاقة هذه الدولة بالدول الأخرى ـ قائمة على الاحترام المتبادل والالتزام بالعهود والمواثيق .. قال تعالى : وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا وقال تعالى : ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين .النقطة السادسة : توفير العدل والمساواة لكل المواطنين ولا يجوز الانحياز لأحدهم بسبب دينه ـ سرق أحد المسلمين في عهد رسول الله درعا وأراد قومه أن يلحقوا الجريمة بأحد اليهود بحجة أنه لا حرمة له فأنزل الله قرآناً ينصف اليهودي ويدين المسلم ، ويحذر المسلمين من عاقبة الظلم .. قال تعالى : إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً .. إلى قوله تعالى وكان فضل الله عليك عظيماً سورة النساء .النقطة السابعة : كفالة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية .. قال تعالى : ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا وقال تعالى : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل .. .إن الدولة المدنية تحقق مقاصد الشرع وتستصحب إيجابيات العلمانية وتلبي تطلعات المجتمع المتعدد الأديان والثقافات والإثنيات علينا أن نسقط من قاموسنا السياسي المصطلحات الفلسفية التي تستفز بعض الناس فالتمسك بالألفاظ ديدن عبدة النصوص والشكليات ولا نستنكف من اتباع الحق مهما كان الوعاء الذي خرج منه .. قال تعالى : ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى .. . فتعاليم الإسلام جاءت لتحقيق مصلحة الإنسان ورفعة شأنه فالإنسان هو المستخلف في الأرض لعمارتها بالتزام منهج الله فلا يجوز أن تأتي الاحكام مناقضة لفطرته أو مسقطة لإنسانيته أو مقدسة لفئة من بني جلدته من أجل أن تسترق الفئات الأخرى . والتفاضل بين الناس لا يكون في الدنيا وإنما يكون في الآخرة على حسب الأعمال والإخلاص فعندما قتل حمزة بن عبد المطلب في غزوة أحد ومثل به .. قال وهو يقف على أشلائه : (( والله لئن ظفرت بهم لأمثلن بثلاثين )) فأنزل الله عليه قرآناً يوضح له فيه أن حمزة ـ وإن كان سيد الشهداء وأسد الله وأسد رسوله ومن السابقين في الإسلام فلا أفضلية له في الدنيا على الآخرين وان الأجساد متساوية والحقوق متساوية بين الناس وان اختلفت أديانهم فإن أراد أن يمثل فليمثل بواحد فقط على أساس فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم .. قال تعالى لرسوله : وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين .إن أزمة الإسلام تكمن في بعض المنتمين إليه يحورون أحكامه لتلائم نزعاتهم النفسية التسلطية وليرضوا رغباتهم! والصحيح هو أن يخضعوا أهواءهم ويكيفوها لتتلاءم مع منهج الله قال : (( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به )) ولكن الواقع الآن انهم يقسرون أحكام الدين قسرا لتوافق أهواءهم ـ والأمر الثاني هو أنهم ما فقهوا أساليب الدعوة التي تأمر باللين والتدرج والحكمة .. قال تعالى لرسوله : فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك .. فبعض الناس لم يتوفر لهم جمال رسول الله ولا الحب الذي يجده من أصحابه ومع ذلك ينفرون ويغلظون وقديماً قالت العرب : " إياك ومصاحبة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك " . عن أبي ثعلبة الخشني جر ثوم بن ناشز رضي الله عنه عن رسول الله قال : (( إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدوداً فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها )) رواه الدار قطني . أو كما قال ..
يغفر الله لي ولكم ،،
الخطبة الثانية
الحمد لله الوالي الكريم والصلاة على سيدنا محمد وآله مع التسليم .وبعد /قال تعالى : ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شئ وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما .أحبابي في الله واخواني في الوطن العزيز :إن الاعتقاد والإيمان والتدين مفاهيم لا يستغني عنها الإنسان لأنها جزء من فطرته فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون . فالدين ضرورة نفسية واجتماعية وكونية للإنسان ، ولكن الناس يرفضون أن تستغل فئة الدين لتظلم به الآخرين أو لتحقق به مكاسب خاصة على حساب الآخرين فالناس يرفضون الظلم والاحتكار والإدعاء بأن هنالك من هم أحق بفهم الدين من غيرهم فإذا تحقق العدل وتوفرت المساواة وتعامل الناس فيما بينهم بدون تقديس لمواقف وقرارات وتركوا للجميع حق الفهم والاختيار وحرية الضمير وان الناس كلهم أصحاب الحق لا فئة بعينها فإن الاستقرار سيحل والسلام سيعود وإلا فلا .أحبابي في الله واخواني في الوطن العزيز :جاء في الأنباء أن المبعوث البريطاني بشر بقرب تحقيق السلام ودعا الأطراف المتنازعة للاستعداد لاتخاذ قرارات صعبة .. ويعني هذا أن على الجميع أن يبدوا مرونة وأن يكونوا مستعدين للتنازل ـ أما كان الأجدى أن يأتي هذا الموقف بقناعة ذاتية ورغبة وطنية في حل المشاكل دون ضغوط .. على كل حال من لم يهئ نفسه للتعامل مع المتغيرات الدولية سوف يتحمل نتائج وخيمة " والعاقل من اتعظ بغيره " .أحبابي في الله واخواني في الوطن العزيز :ذكر أن رئاسة الجمهورية قد تولت موضوع القرية التي دمرت منازلها وتضرر بضعة عشر ألف من المواطنين جراء ذلك وان رئاسة الجمهورية وعدت أن تنصف المظلومين وتعيد الحق لأصحابه وتعوض من تضرر منهم .. إذا صدقت هذه الرواية تكون الحكومة قد صححت خطأ قاتلاً وإن موقفها هذا يجد منا الإشادة والمساندة لأن الأسر التي وجدت نفسها بين عشية وضحاها في العراء تحتاج إلى إنصاف والعدل هو أساس الحكم والاستقرار لا يتم إلا بمسح دموع المستضعفين . وقال الخليفة العادل بن الخطاب " ولا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس ثم راجعت فيه نفسك وهديت لرشدك أن ترجع إلى الحق فإن الحق قديم والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل " ..وجاء في الأنباء أيضا أن قوة من الأمن داهمت منزل الأستاذ غازي سليمان واوقفت عددا من قادة الأحزاب السياسية كانوا مجتمعين هناك لمناقشة إعلان القاهرة ودعمه ومساندته ونقل السياسيون إلى مكاتب الأمن وبعد استجوابهم أطلق سراحهم الغريب في الأمر أن الحكومة تقول إنها لم تتدخل في موضوع إعلان القاهرة وان المواطنين تحركوا بصورة تلقائية للتعبير عن آرائهم ولكنها تمنع أصحاب الرأي الآخر من التعبير عن رأيهم وهم لم يخرجوا في مظاهرة ولم يسيئوا لمخالفيهم أي عدل هذا وأي حياد مالكم كيف تحكمون؟! اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه والباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه .. اللهم عجل بشفاء عبدك الأمير الحاج / عبد الرحمن نقد الله .. والطف بعبدك عبد الله محمد خير وخفف عنه آلامه وامنن عليه بشفاء من عندك آمين .وكذلك نسألك اللهم أن تعجل بشفاء البروفيسور محمد إبراهيم أبو سليم .أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيزفقدت البلادبالامس علما من أعلامها هو البروفيسور عبد الله الطيب لقد كان عبد الله الطيب موسوعيا في معارفه وتربع بجدارة على عمادة الأدب العربي لقد غالب المرض فترة طويلة إلى أن انقضى عمره في هذه الحياة الفانية نسأل الله له الرحمة والمغفرة ولآله الصبر وحسن العزاء كما تنعى هيئة شئون الا نصار فقيدي آل طلب ابن عم الطيب طلب وبنت خالته للجميع الرحمة والمغفرةعباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون .قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله ،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق