عبد المحمود ابو
مداخلة في منتدى كتيبة القلم عن راتب الإمام المهدي عليه السلام
الحمد لله الوالي الكريم والصلاة علي سيدنا محمد وآله مع التسليم
وبعد
الشكر لكتيبة القلم علي تنظيم هذا المنتدى والشكر للبروفيسور موسي عبد الله حامد علي المحاضرة القيمة والشكر للبروفيسور: عبد الله حمدنا الله علي المداخلة الجيدة وألخص مداخلتي في الآتي:
أولا: أنا أعتقد أن راتب الإمام المهدي عليه السلام ليس كتاب ذكر فحسب وإنما هو رؤية متكاملة للكون والحياة والأحياء. إنه منهج سجل فيه رؤيته للعقيدة والعبادة والإنسان والعلاقة مع الله، ومع الرسول صلي الله عليه وسلم، ومع القرآن الكريم، فتأمل مثلا قول الإمام المهدي عليه السلام يخاطب ربه" وأورثنا الأدب معك وقد تأدب للملوك المعتوه الذي هو كالحيوان، لما يراه من أياد قاصرة لم يكن لها قيام من الباطن ولا تعلم منه كل الشأن ولاتصرف لأحد منهم له إلا بقدرتك وأنت تعلم منهم ما لايعلمونه من الباطن وظاهر الأركان" فهنا تبيان للملك المطلق لله سبحانه وتعالي الذي يدخل فيه تصرفات البشر بكل مقاماتهم فما يقومون به من عمل وتصرف هو قطرة من فيض الله الذي منحهم إياه فالعاقل لاينظر إلي عمل المخلوق وإنما ينظر لعطاء الله المطلق الذي أعطى المخلوق منه نذرا يسيرا. ويقول: " فاغفر لي وتولني يامن تولى كل ذي ولاية فلم يكن له من نفسه مكان وليس له من غيرك حال في جميع الأزمان فكما أوجدتنا يارب من غيريد منا وهديتنا إلي الإيمان فتول حالنا في كل ذكر مع التدين والحفظ في كل حال وشأن".
ثانيا: المتأمل في الراتب يجد أن القرآن الكريم كان يشكل حضورا عميقا في روح الإمام المهدي بل اختلط بلحمه ودمه مخه وعظمه، وتأمل قوله: " وآياته لونزلت علي الصم الراسيات لخشعت من عظم مافيها ولما سمعتها جماعة من الجن اهتدت من حسن معانيها فوحدت بها باريها ولما تنورت منها أقبلت علي قومها منذرة من طيب معانيها فنسألك ربك أن تقذفها في قلوبنا ومن الغفلة عنها برحمتك ورأفتك تنجيها"تأمل هذا مع قوله تعالي: " لو أنزلنا هذا القرآن علي جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون" فالمهدي عليه السلام يقول: " فنحن أولى بالتأثر بكلامك من الجبال الصم الراسيات إذ مننت علينا بنور الفؤاد وحواس الخيرات" ويقول في مقام آخر ونسألك اللهم بحق خفي لطفك وبحق ظاهر عطفك أن تهب لنا حلاوة القرآن، وأن تبين لنا المعني فيه أحسن البيان، وأن توفقنا علي العمل بما فيه يارحمن، وألا تسلط علينا الغفلة عنه والنسيان".
ثالثا:ركز الإمام المهدي عليه السلام علي المحبة لرسول الله صلي الله عليه وسلم إلي درجة لايدركها إلا أهل الذوق، فالرسول صلي الله عليه وسلم هو حلقة الوصل بين الله وعباده وهو الدال إلي الله والمبلغ عنه، يقول الإمام المهدي عليه السلام " وحببنا في نبيك محمد صلي الله عليه وسلم إذ أنه دلنا إليك وتلقي الوحي منك فبلغه فوصل إلينا بفضلك فصل اللهم وسلم عليه وعلي آله عدد المتصلين به لك الواصلين بنوره صلي الله عليه وسلم"
رابعا: للإمام المهدي عليه السلام فلسفة عميقة للابتلاءات والمحن فقد قال " إن المزايا في طي البلايا والمنن في طي المحن والنعم في طي النقم" ولذلك فهو يرحب بكل قضاء الله ويترك مراده لمراد الله، فيقول: " اللهم اجعلنا من العارفين لحسن قدرك الصابرين عليه رجاء لوعدك ورغبة في الصلوات والرحمة مع هدايتك" إلي أن يقول: "واجعلنا ممن آثر التقوى والوفاق والصبر علي الشدائد والمشاق رغبة في دوام القرب والتلاق وقو نورنا ليهون علينا ذلك واجعل لنا قوة منك علي تحمل مايرضيك" تأمل هذا مع موقف أيوب عليه السلام "وأيوب إذ نادي ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين"
خامسا: لقد جمع الإمام المهدي عليه السلام زبدة الأذكار والابتهالات في الراتب وأذكر هنا موقفين: الموقف الأول حدث مع الفكي إبراهيم أحمد وكيل الإمام عبد الرحمن في منطقة الطويشة في شرق دارفور: حيث نزل عنده عالم شنقيطي ضيفا وأكرم ضيافته وعندما هم بالمغادرة في أحد الأيام سمع أحد الأنصار يقول: المهدي عليه السلام فقال له ياجاهل كيف تقول المهدي عليه السلام؟! فقال له الفكي إبراهيم لو سمحت تؤجل سفرك اليوم لتسمع كلام الشخص الذي وصفت من قال له عليه السلام بالجهل وبالفعل أخر سفره وبعد صلاة العصر بدأ الفكي إبراهيم يقرأ الراتب وقد منحه الله صوتا جهوريا وقراءة جيدة تأسر الألباب فجلس الشنقيطي خارج الحلقة فلما انتهي الراتب الأول دخل الحلق فلما تعمق الفكي إبراهيم في الراتب الثاني انكب عليه الرجل باكيا يقول " والله أنا الجاهل والله أنا الجاهل والله أنا الجاهل" والموقف الثاني رواه الوالد عن السيد أحمد المهدي أن أحد علماء المغرب حل ضيفا علي الإمام عبد الرحمن وأكرمه الإمام كعادته فعندما أراد السفر قال للإمام بقد أكرمتني وأنا أريد إعطاءك هدية قيمة فطلب منه إحضار ورقة وقلم ثم جلس بالقرب منه وبدأ يمليه سرا قال له اكتب" اللهم كما لطفت في عظمتك دون اللطفاء وعلوت بعظمتك علي العظماء ..." فقال له الإمام قف ثم نادى أحد الأنصار وقال له اقرأ كما لطفت فقرأها الأنصاري وذهب فدهش العالم وقال من أين لكم هذا قال له الإمام هذا ورنا نقرؤه صباحا ومساء فقال العالم سبحان الله إن هذا الدعاء في بلادنا لايعرفه إلا الكمل!!
إن راتب الإمام المهدي عليه السلام يعتبر سلطان الأوراد في مجال الذكر، وينصف في قمة التجليات الروحية في عالم الذوق، وهو منهج متكامل في التعامل مع الحياة والكون من التزم به وأدرك معناه نال سعادتي الدنيا والآخرة
مداخلة في منتدى كتيبة القلم عن راتب الإمام المهدي عليه السلام
الحمد لله الوالي الكريم والصلاة علي سيدنا محمد وآله مع التسليم
وبعد
الشكر لكتيبة القلم علي تنظيم هذا المنتدى والشكر للبروفيسور موسي عبد الله حامد علي المحاضرة القيمة والشكر للبروفيسور: عبد الله حمدنا الله علي المداخلة الجيدة وألخص مداخلتي في الآتي:
أولا: أنا أعتقد أن راتب الإمام المهدي عليه السلام ليس كتاب ذكر فحسب وإنما هو رؤية متكاملة للكون والحياة والأحياء. إنه منهج سجل فيه رؤيته للعقيدة والعبادة والإنسان والعلاقة مع الله، ومع الرسول صلي الله عليه وسلم، ومع القرآن الكريم، فتأمل مثلا قول الإمام المهدي عليه السلام يخاطب ربه" وأورثنا الأدب معك وقد تأدب للملوك المعتوه الذي هو كالحيوان، لما يراه من أياد قاصرة لم يكن لها قيام من الباطن ولا تعلم منه كل الشأن ولاتصرف لأحد منهم له إلا بقدرتك وأنت تعلم منهم ما لايعلمونه من الباطن وظاهر الأركان" فهنا تبيان للملك المطلق لله سبحانه وتعالي الذي يدخل فيه تصرفات البشر بكل مقاماتهم فما يقومون به من عمل وتصرف هو قطرة من فيض الله الذي منحهم إياه فالعاقل لاينظر إلي عمل المخلوق وإنما ينظر لعطاء الله المطلق الذي أعطى المخلوق منه نذرا يسيرا. ويقول: " فاغفر لي وتولني يامن تولى كل ذي ولاية فلم يكن له من نفسه مكان وليس له من غيرك حال في جميع الأزمان فكما أوجدتنا يارب من غيريد منا وهديتنا إلي الإيمان فتول حالنا في كل ذكر مع التدين والحفظ في كل حال وشأن".
ثانيا: المتأمل في الراتب يجد أن القرآن الكريم كان يشكل حضورا عميقا في روح الإمام المهدي بل اختلط بلحمه ودمه مخه وعظمه، وتأمل قوله: " وآياته لونزلت علي الصم الراسيات لخشعت من عظم مافيها ولما سمعتها جماعة من الجن اهتدت من حسن معانيها فوحدت بها باريها ولما تنورت منها أقبلت علي قومها منذرة من طيب معانيها فنسألك ربك أن تقذفها في قلوبنا ومن الغفلة عنها برحمتك ورأفتك تنجيها"تأمل هذا مع قوله تعالي: " لو أنزلنا هذا القرآن علي جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون" فالمهدي عليه السلام يقول: " فنحن أولى بالتأثر بكلامك من الجبال الصم الراسيات إذ مننت علينا بنور الفؤاد وحواس الخيرات" ويقول في مقام آخر ونسألك اللهم بحق خفي لطفك وبحق ظاهر عطفك أن تهب لنا حلاوة القرآن، وأن تبين لنا المعني فيه أحسن البيان، وأن توفقنا علي العمل بما فيه يارحمن، وألا تسلط علينا الغفلة عنه والنسيان".
ثالثا:ركز الإمام المهدي عليه السلام علي المحبة لرسول الله صلي الله عليه وسلم إلي درجة لايدركها إلا أهل الذوق، فالرسول صلي الله عليه وسلم هو حلقة الوصل بين الله وعباده وهو الدال إلي الله والمبلغ عنه، يقول الإمام المهدي عليه السلام " وحببنا في نبيك محمد صلي الله عليه وسلم إذ أنه دلنا إليك وتلقي الوحي منك فبلغه فوصل إلينا بفضلك فصل اللهم وسلم عليه وعلي آله عدد المتصلين به لك الواصلين بنوره صلي الله عليه وسلم"
رابعا: للإمام المهدي عليه السلام فلسفة عميقة للابتلاءات والمحن فقد قال " إن المزايا في طي البلايا والمنن في طي المحن والنعم في طي النقم" ولذلك فهو يرحب بكل قضاء الله ويترك مراده لمراد الله، فيقول: " اللهم اجعلنا من العارفين لحسن قدرك الصابرين عليه رجاء لوعدك ورغبة في الصلوات والرحمة مع هدايتك" إلي أن يقول: "واجعلنا ممن آثر التقوى والوفاق والصبر علي الشدائد والمشاق رغبة في دوام القرب والتلاق وقو نورنا ليهون علينا ذلك واجعل لنا قوة منك علي تحمل مايرضيك" تأمل هذا مع موقف أيوب عليه السلام "وأيوب إذ نادي ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين"
خامسا: لقد جمع الإمام المهدي عليه السلام زبدة الأذكار والابتهالات في الراتب وأذكر هنا موقفين: الموقف الأول حدث مع الفكي إبراهيم أحمد وكيل الإمام عبد الرحمن في منطقة الطويشة في شرق دارفور: حيث نزل عنده عالم شنقيطي ضيفا وأكرم ضيافته وعندما هم بالمغادرة في أحد الأيام سمع أحد الأنصار يقول: المهدي عليه السلام فقال له ياجاهل كيف تقول المهدي عليه السلام؟! فقال له الفكي إبراهيم لو سمحت تؤجل سفرك اليوم لتسمع كلام الشخص الذي وصفت من قال له عليه السلام بالجهل وبالفعل أخر سفره وبعد صلاة العصر بدأ الفكي إبراهيم يقرأ الراتب وقد منحه الله صوتا جهوريا وقراءة جيدة تأسر الألباب فجلس الشنقيطي خارج الحلقة فلما انتهي الراتب الأول دخل الحلق فلما تعمق الفكي إبراهيم في الراتب الثاني انكب عليه الرجل باكيا يقول " والله أنا الجاهل والله أنا الجاهل والله أنا الجاهل" والموقف الثاني رواه الوالد عن السيد أحمد المهدي أن أحد علماء المغرب حل ضيفا علي الإمام عبد الرحمن وأكرمه الإمام كعادته فعندما أراد السفر قال للإمام بقد أكرمتني وأنا أريد إعطاءك هدية قيمة فطلب منه إحضار ورقة وقلم ثم جلس بالقرب منه وبدأ يمليه سرا قال له اكتب" اللهم كما لطفت في عظمتك دون اللطفاء وعلوت بعظمتك علي العظماء ..." فقال له الإمام قف ثم نادى أحد الأنصار وقال له اقرأ كما لطفت فقرأها الأنصاري وذهب فدهش العالم وقال من أين لكم هذا قال له الإمام هذا ورنا نقرؤه صباحا ومساء فقال العالم سبحان الله إن هذا الدعاء في بلادنا لايعرفه إلا الكمل!!
إن راتب الإمام المهدي عليه السلام يعتبر سلطان الأوراد في مجال الذكر، وينصف في قمة التجليات الروحية في عالم الذوق، وهو منهج متكامل في التعامل مع الحياة والكون من التزم به وأدرك معناه نال سعادتي الدنيا والآخرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق